الفنان محمد بوكرش
فن جزائري بنكهة البن اليمني
الجمعة, 16-مارس-2007
نبأ نيوز - خاص -
إذا كانت ثمة لغة تلتئم بلسانها البشرية، فمن المؤكد أنها ليست إلاّ لغة الفــن، التي تقرأها العيون، والجوارح قبل أي شيء آخر.. وهي نفسها التي تمد بها "نبأ نيوز" اليوم جسور التواصل مع بلد المليون شهيد – الجزائر- لتحاور أحد فنانيها الكبار الذي ما أنفك يرفد الإنسانية بعطائه، ويصنع من اللون عالم يستحق منا – في اليمن- سبر أغواره، واكتشاف تجاربه، والتعلم منها..محمد بوكرش- فنان جزائري متألق يختزل نصف قرن وبضعة أعوام من عمره في تجارب فنية رائدة أمست مدرسة لجيل من الفنانين الشباب الذين تتلمذوا على يديه، وما زالوا يحملون له جميل الصنع أنى قادته خطاه.. فهم رجل يناضل لكبح جماح "الإنسان" عن الخروج من دواخله، كي لا يفقد متعة الفن الذي تصنعه أنامله، وكي لا يغادر "الفنان" ذاته التي نذرها للضمير الإنساني.. ولأنه يحمل في ذاته فلسفة إمتياز الفن، وأسرار موهبة بنكهة البن اليمني، فإن "نبأ نيوز" شدت الرحال إلى عالمه المفعم بالإحساس الوجداني بقيم الإنسانية لتحاوره.. وأعترف – مسبقاً- أن الحوار مع سياسي، أو رجل دولة، لم يكن مقلقاً لي، لكن مشواري هذه المرة كان صعباً، لأنني كنت أعرف سلفاً أي نوع من الناس هو الفنان محمد بوكرش، وأي هامة عظيمة هذا الرجل القادم من حنايا بلد عنيد، وشعب صلب لا يتوانى عن التضحية بمليون شهيد من أجل شيء اسمه "كرامة"..
الحــــوار مع الفنان بوكرش:
حاورتـــه: آلاء الصفار- رئيسة التحرير
• يقال أن بداية الفن موهبة، فكيف تتولد الموهبة- أهي جزء من سيكولوجيا نشأة الفرد، أم أثر ثقافة بيئية يعكس نفسه على توجه الفرد؟--
نشأة الفرد السوي سيكولوجا وبالحالة السيكولوجية السوية، تمهيد لتأسيس بناء سوي للذات. تبدأ بالطبية والغريزة في التقرب من الأشياء التي تحلو في العين مع قوة رغبة لمسها، إن كانت في متناول اليد. كيف تحلو في العين؟ من هنا تبدأ عملية الانبهار بالتباين الصريح والصارخ للأشياء التي تفرض نفسها بالسبق، بعدد درجاته في الوضوح والتلألؤ، ما يفرض نفسه بالإغراء والتفاضل مع ما هو موجود بوضوح بدرجات أقل بكثير مما سبق، وهذا ما يجعل منها حوافزا، تجعل من الأولى ظاهرة وبترتيبات تدرج تنازلي تختلف باهتمام أحد وآخر. وبالتالي وبهذا التمييز والتفضيل والاهتمام يوهب لذا ما لا يوهب لآخر، والعكس صحيح، ونريد بذلك أن نقول أن كل مخلوق موهوب بهذا ألاهتمام والميول والاختيار ثم المعرفة التي تتراكم بالأوتوماتكية وتصبح هبة وموهبة.. تنمو وتتسع المعرفة بنمو ووسع التجربة والمدة الزمنية التي لا شك بأن مقياسها الحقيقي بغير ما يصنع وينجز فيها يكون الزمن لا يمثل شيئا. وعلى ذكر هذا نكون بذلك قد تطرقنا إلى الجانب الثقافي بطريقة غير مباشرة التي تفيد بأن من جملة ما يبهر ويستدرج الآخر للمسه ومعرفته هو حسن الصنع في المقال، والإلقاء، والوسائل، والأدوات ، وبالتالي نعزز مقولة أفلاطون يوم سألوه المغرضين بتطاول ، من أنت ؟ ، أجابهم ما أنا سوى هبة من النحن لي أنا.. بالفعل الموروث يلعب الدور الكبير في الكينونة .
• جميع الحضارات الإنسانية تألقت في فن النحت إلى درجة تفوق التصور، فما الذي جعل الإنسان القديم أكثر إحساساً وتذوقاً وإبداعاً بهذا الفن مما هو عليه إنساننا المعاصر!؟--
الإنسان بطبعه متذوق، ماهر، وميال عاشق إلى درجة التضحية بكثير من الضروريات الحياتية كحرمان نفسه بتأجيل الشراب والمأكل لا لشيء سوى لإشباع غريزته بما يراه ممتعا وغذاء روحي. من جملة هذه الأشياء التي يضعف أمامها، الجمال الذي يراه أو يحس به ويختطفه من نفسه لمدة زمنية ما، يستيقظ بعدها مجبورا بدرجة قوة واحتياجات قاهرة لا تدع له الخيار كقضاء حاجياته الضرورية التي وصلت إلى أقصى حد لا يقبل بعدها التأجيل.من جملة هذه الأشياء، تعلقه بجمال النجم، القمر، الشمس، الحيوانات الضخمة إلى غير ذلك واتخذها بالعشق محل اهتمام زاد أحيانا عن حده، وبطول المدة والتأمل اكتشف فضائلها وافتكت لنفسها منه القدسية.فضائل الأشياء من حوله كثيرة من جملتها أقوياء عصره الذين يرجع لهم الفضل في حمايته من ذا وذاك، اتخذها لنفسه أربابا، وجعل لها من القدسية ما يستحق الثناء والعرفان وبالتالي الولاء.هنا إذا تفضلت سيدتي الكريمة نفتح قوس العرفان والثناء والولاء، تتم بالتقرب من الوالي أكثر فأكثر بالابتسامة بالهدايا وبأحسن ما لديهم من أعمال ترقى لاكتساب الود والمكانة.. ليس بطلب من الوالي، بل أقل ما يقدمه المعجب والمعترف بالجميل هو هذا الواجب، إكبار لواليه وحاميه، وببعد آخر إكبار للإله أي الرب. حبه لربه وطمعه في رضاه جعله مبدعا عابدا لا يكل ولا يمل، برهان مع نفسه لينال رضاها برضاء الرب، هذا ما جعل الأوائل يخلصون في العمل لأنه عبادة ويصل بالفرد، أن يكون العبد الذي يقدم نفسه وروحه فدية لمحبوبه. هذا ما طور الفنون بصفة عامة عبر العصور وبمستويات مختلفة، كانت الحاجة التي لا يمكن الاستغناء عنها في الحياة من المتسببات الرئيسية.ولا أشاطرك الرأي بأن الإنسان المعاصر يقل شأنا في الذوق والمستوى عن سابقيه، بل الاحتياجات والمفاهيم والقيم والطبيعة هي التي تغيرت. وتغير معها العمل والسلوك وأصبح الزمن أكثر المواد استغلالا بمقاس وصلاحية ونجاح ما يصنع فيه، قصد الهيمنة واتساع رقعة النفوذ والولاء، والآليات الفنية المعاصرة الرهيبة اليوم، يقف لها فنان الأمس مفحما مذهولا، يفضل الموت، بدلا من أن يتعامل معها، والعكس غير صحيح، بالتقنية المتطورة والدراسات المعمقة على الصعيد الهندسي أو العلمي والمعرفي.. يمكن أي فنان أو مجموعة من فنانين متعددين الاختصاصات أن ينسخون أي عمل من الأعمال الكلاسيكية، وإذا كان هناك عجز يذكر، يكون بطبيعة المواد المتحولة أوتوماتكيا عبر الزمن، ما لا يسمح بالتركيبات الكيميائية والفيزيائية التي تحصل عليها الأوائل بطبيعة مواد ذاك العصر. مثل مواد التحنيط الفرعونية التي يستحيل على كيمياء اليوم أن تأتي بمثلها، لانقراض الكثير من الأعشاب وزيوتها.
•هل يمكن اعتبار الظرف السياسي "التاريخي" الذي يعيشه شعب ما عنصراً من عناصر تشكيل هوية الفن لدى شعب معين- وليكن قياسنا على الجزائر كأنموذج!؟--
بالتأكيد، الجزائر كما تعرفين، من قديم الزمان موقعها الجغرافي والاستراتيجي جعل منها هدفا لكل الأطماع وقبلة لكل الأقوياء، بما حمل الجمل. أهلها لن يعر فوا الاستقرار أبدا، سكنوا الجبال وتطبعوا بطبيعتها القاسية، الوعرة التي انعكست على أساليبهم بالقاساوة في تعاملهم مع الأشياء إلى درجة التفنن والتمكن من تكييفها والعمل بها وفق الاحتياج في الكر والفر مع المحا فضة على التوازن وطول النفس. هذا ما جعلها تكتسب مهارات الغير وتجاربها والعمل بها كلما تطلب الأمر ذلك. ومن بين المعارف والمهارات المكتسبة أجمل ما جاء به المحتل المرتزق أو عابر السبيل. الجزائر كما هي معروفة شبه قارة، والطبيعة فيها ثرية بكل ما يغري للبقاء فيها. هذا ما سمح تقريبا لكل المارين من هنا المكوث أكبر مدة دون أن يفكروا أبدا في أن تدور الدائرة وتعصف الريح بما لا تشتهيه السفن، شيدت المدن والقصور وحفرت الآبار وبنيت القنوات وغرست البساتين. كانت كلها مدارس متتالية بحضارات وأزمنة مختلة. استفاد منها الجزائري وأصبحت موروثا حضاريا ثقافيا ومرجعا لنا نحن اليوم. إضافة إلى ما تطور من الفنون الشعبية لسكان الجزائر الحقيقيين من أمزيغ وبربر، الذين هم من أصول يمنية كما يروى في التاريخ.زد على ذلك ما جاءت به الفتوحات الإسلامية من عرب مسلمين وعرب يهود وزاد بحمل ذاك الجمل ثراء ما هو موجود وموروث. سهولة تلقف الجزائري للمعرفة وللمعلومة والعمل بها بامتياز رشحه أن يكون من كبار المبدعين والمفكرين الكبار العلماء الذين تقلدوا مناصب جد هامة ومرموقة بالزيتونة والأزهر، بسوريا والعراق، بالمدينة المنورة ومكة المكرمة. ومن مشاركاتنا في فن التشكيل في الفنون الإسلامية هو اختراع الأرقام العربية التي تسمى بالأرقام الغبارية. الأرقام التي أساسها الزوايا بعدد الزوايا في كل رقم بالشكل والمضمون، ولي في هذا بحث سيصدر قريبا بعنوان // سعادة الصفر// تصحيح الدكتور الناقد والروائي الأستاذ المعلم السعيد بوطجين.
•
خلال مسيرتكم الفنية الطويلة والحافلة، إلى أي مدى كانت مدارس الفن الجزائري تتأثر صعوداً ونزولاً في الظهور، وهل انحسر بعضها إلى درجة الأفول، وهل هو أمر مرتبط بتباين أذواق الأجيال، أم بالتطور الطبيعي للصناعة الفنية!؟-- المدارس الجزائرية كثيرة التأثر بالمدارس الأخرى وخاصة منها المدارس ذات الأساليب المختلفة التعبيرية التي تشد إعجاب الفنانين والمتذوقين، بالتحايل على مختلف الخامات لتجعل منها لسان حال الفنان. وأعني بذلك الصناعة التقنية الفنية المثيرة والمدهشة، صناعة الوعاء الحامل لمشهد الفرجة والدهشة، واختلافها عن أعمال فنانين البلدان الأخرى في الإضاءة وبالتالي في نوعية الخامات ومن بينها الألوان التي معظمها مأخوذا من المحيط البيئي للفنان كالرمال على اختلاف ألوانها الذي يتعد ى الستة ألوان أو ما يعادلها بالدرجات الضوئية عند توظيف الطلاء العادي المصنع بأمانة تحافظ على الطقوس الشمال افريقية حتى لا نقول جزائرية. إيمان من الفنان الجزائري الذي لاحظ درجة اهتمام من توافد على شمال أفريقيا من فنانين البعثات الاستدمارية ( الاستعمارية ) الذين ذهلوا لجمال المشاهد بهذه الإضاءة المشهدية الشاعرية التي عرفناها في كثير من أعمال المستشرقين من الفنانين التشكيليين ومن بين هؤلاء بالجزائر مثلا ، 1- ( أوجان فرومونتان ) الكاتب الكبير الذي قال بأن الكتابة عاجزة عن التعبير أمام هذه المشاهد ومن يومها أصبح مثابرا عن امتهان الرسم كوسيلة تعبير احتل بها مكان ومكانة في قاموس الرسامين. 2- الفنان ( دو لا كروا )، الفنان ( اتيان ديني ) الذي اعتنق الإسلام وأوصى بأن يدفن في معشوقته مدينة الواحات بوسعادة 420 كلم جنوب شرق الجزائر.هذا ما حفز الفنان التشكيلي الجزائري بأن ينهل أكثر من غيره من الموروث الثقافي المادي وغير المادي وبالتالي كان التأثر بالصعود وليس بالنزول. لكن ما يخص الانتشار عالميا، فهذا يرجع بالضرورة لغياب سياسة ثقافية واضحة ومدعمة كان ذلك عل الصعيد العملي بالتمثيل الجزائري العالمي الإعلامي أو الدبلوماسي أو بالاستثمار في القطاع الفني بالداخل والخارج. وفي هذه النقطة بالذات التأثر على مستوى تواجد قدرات المدارس الفنية الدولي يكون بالنزول وينعكس سلبا عن إنعاش الاقتصاد الوطني كان ذلك سياحيا أو فنيا وصناعيا، كما لا يخفى عليكم أن الدائرة من مجموع زوايا إذا تغافلنا عن إحداهن تعثرت الدورة، فما بالك بالتغافل عن أهمها.بقاء الفن ببقاء الإنسان فينا مرتبط ببعضه البعض من البارحة إلى اليوم، وهنا إذا فيه خلل يذكر وليس في صالحنا، هو تدهور القيم عالميا وفي عالمنا نحن خاصة أصحاب الرسالة المحمدية والكتاب الفرقان بين الخير والشر. بين فنان وفنان هناك صراع أبدي تختلف فيه المصالح والأهداف، لذا نلاحظ بفصيح العبارة الإصرار في التسمية التي اجمع فيها الفنانين على أن ينعتوا الفنون الإنسانية بالفنون الجميلة بالعربية ARTS BEAUX LES بالفرنسية FINE ARTبالأنقليزية .أما ما يتعلق بالتصدع والأفول، فذلك من المستحيل، ما دامت الأمهات مازالت بخير ومحافظات على كثير من الصناعات التقليدية والحرف النسوية منها والرجالية، في قطرنا الشاسع بطبيعته وبالغني فنيا، أين يترعرع وينمو كل طفل وتترعرع وتنمو معه المحبة والحنين لكل ما هو ميدان وفراش وأواني لعب بها وبينها، بين قصاصات الصوف والخيوط الملونة، بقيا ما تستغنى عنه في نسيج الزرابي. لعب بين قدر وصحن لن تجف بعد، يهم بها كم من مرة قصد التمثيل بالتقليد والممارسة ليجعل منها ما تسترسل له ضحكات الأم شاكرة إياه رغم ما قام به من عطب لعملها الفني. لعبة الطفل التي تكبر معه، لن تترك المجال نهائيا، أن تكون مثل هذه الكلمات، انقراض، أفول تقهقر واردة في حق مجال الخيال والتصور والتجسيد، فقط لأنها أساس كل استمرارية في الحياة وبالتالي استمرارية تقدم وتطور الفنون رغم التعسفات التي تسيء لها لكن لا تقضي عليها لآن الحياة بدونها من المستحيلات.
• الاحتكاك الثقافي الجزائري – الأوروبي، هل هو ما يفسر ازدهار الحركة الفنية الجزائرية!--
نعم، بالتأكيد من باب المنافسة وفرض الذات بحثا عن المكان والمكانة والتقدير بعيدا عن الرسميات والبروتوكولات. الجزائري معروف بحب المغامرة والسفر ما يمكنه من معرفة الفنانين مباشرة والمشاركة في الورشة الجماعية الفنية التي تقام هنا وهنك وتعرض بعدها في لقاءات بالجزائر بورشة أخرى مماثلة يستفيد منها المحروم من السفر والتنقل. وتأثيرنا أقوى من أن نتأثر في مثل هذه اللقاءات خارج الوطن، لكن هذا لا يمنع من أننا في حاجة إلي تعزيز ذلك أكثر بنباهة السلطات الوصية عن القطاع الثقافي بملف سياسة ثقافية ناضجة.
• ما هي الخصوصية- المتفردة- التي يمكن أن نعطيها للفن التشكيلي والنحت في الجزائر!؟--
الخصوصية تتضح جليا في فن المنمنمات التي من روادها عالميا بتميز وامتياز الفنان محمد راسم رحمة الله عليه، رواد الفنون التطبيقية عالميا الفنان غانم ومحمد تمام،والأسماء كثيرة من تلامذة هؤلاء أمثال صحراوي بو بكر ، بن تونس، بوكروي، كربوش...من النحاتين بين الحلال والحرام معظمهم امتهن الفن الوظيفي كالهندسة المعمارية والهندسة الداخلية في ميدان البناء بعيدا عن الضوء والفن التشكيلي التعبيري. والباقين منهم، يلهث وراء المشاريع التزيينية بالعرض والطلب وبالتالي بعيدين عن العمل الفني الحقيقي بعيدين عن الدراسة والغرابة التي لا تدر عليهم بما يسد احتياجاتهم الفنية والغذائية.
• وأنت ؟.--
نعم، أنا من متعددين المواهب مثل ما يقال، بدأت معلما وما زلت معلما، وأنا نحات فقط عند الضرورة مثل ما أني رسام كذلك، مثل ما أعبر بتلك الوسائل أعبر أيضا بالكتابة، وليس لي مشكل نهائيا، ما عدى في اختيار الوسيلة التي ينبغي أن تضمن ما أريد إيصاله للآخر أو الوسيلة التي تمكنني من لمس ما أعجز عن لمسه بأصابعي أو بيدي، كأن أبحر في بواطن نفسي وبواطن الآخرين دون إيذاء ذا أو ذاك بل بتواطؤ منهما واستمتاع الاثنان معي بذلك.
• كنخب رائدة للفن الجزائري- هل تعتقد أنكم أسستم ثقافة فنية لدى الجيل المعاصر من شأنها تعميق الانتماء الوطني والقومي!؟--
لن تسمح لنا الساسة أولياء أمورنا بأن نكسب شرف هذا الرهان، الذي تأخر كثيرا، لا نحن بشهرة الشرف ولا هم به باقون...، ما عدى ما قل هنا وهناك، حافظ على ماء الوجه وتوازن دائم المد والجزر بعدم نسبة معينة من الاستقرار الذي يمكنني من الفصل بصدق القول، والأمور تتطور من، ما كان أحسن إلى أسوء، بما تمليه قوانين مغبات الغاب والعولمة التي، إن لم يستيقظ الإنسان فينا نذهب دون رجعة بالمحسوبين علينا. • في ظل ثورة المعلومات، وانتشار الفضائيات، وما تحمله الأقراص المدمجة CDs هل ترون أي انعكاس لذلك على تطور الحركة الفنية العربية بشكل عام!؟-- تواصلي مع سيادتكم عبر نوافذها السريعة أحسن جواب على ذلك إذا عرفنا كيف نعممها ونوظفها بالنطاق الواسع لتعميم الفائدة وبالسعر المدروس لألا نحرم أحد.
• الفنان بوكرش يحتفظ بتاريخ حافل من العطاء الفني، فإلى أي مدى يعتقد أنه كان قريباً بفنه من المعاناة الإنسانية للفرد، وهمومه الوطنية والقومية!؟--
شرف لي، إن تكرمت وأجبت بدلا مني عن هذا، بما عرفته عني ومني من خلال تعليقاتي الصادرة بـ"نبأ نيوز" والتي أنوي أن تصدر في كتاب، سأقدمه للتصحيح هذه الأيام بعنوان// تنبيه القافز//.
• ما هو العمل الفني الذي ما زال الفنان بوكرش ينظر إليه كأفضل أعماله، ولماذا!؟--
العمل الفني الوحيد الجدير بالتنويه هو ذاك الإنسان الذي يسكنني، هو شغلي الشاغل، أبذل جل جهدي يوميا في خدمته لئلا يخون ويغادرني والخيط الذي يربطني به دائم المد والجزر بين الضعف والقوة والخوف كله من لحظة الضعف، لذا عملي الفني المحبوب والذي أفضله هو الذي يعوض ذاك الضعف بالقوة ويمتن رباطي بذاك الإنسان.
• ما السر الذي صنع المكانة التي بلغها الفنان بوكرش – هل هي ظروف، أم أفراد، أم بيئة، أم هي إرادة الحس الإبداعي التي تفرض نفسها!؟--
لا، كل بدون أجزاء، وبالتالي لا فضل لي ولا وجود، بدون التنويه بفضائل الآخرين علي أنا مهما كان مستواهم وموقعهم في الحياة، وبكل بساطة أفتح لك تاء الحيا( ت ).يقول في هذا الصدد أفلاطون // ما أنا سوى، هدية من النحن لي أنا//.
• يقولون إن المعاناة تفجر الإبداع.. هل لذلك المفهوم محل في إبداع الفنان محمد بوكرش!؟--
لم أكن أعبأ أو أفكر بذلك ما دمت أجد المتعة في عملي وأخرى في تقدير واحترام كل الناس الذين عرفوني وعرفتهم سواء عن قرب أو عن بعد.
• على أي أساس تم اختياركم من قبل المعهد الأمريكي رجل السنة 2004م؟--
سبب ذلك يرجع إلى الشهادات الملموسة ممن التقيت بهم من رجال الإعلام والفنانين على اختلاف تخصصاتهم ومشاربهم وتوجهاتهم بالداخل والخارج ما صنع بالملموس سيرة ذاتية لبوكرش إلى جانب ما هو موجود من أعمال فنية بالمتاحف الوطنية والدولية.واختياري كرجل السنة 2004 من قبل المعهد الأمريكي لا يرقى بالمستوى ولا بالقيمة ولا حتى بالشهرة إلى مستوى وقيمة الإنسان المتحضر في الشخص الصيني الذي توج عملي المنحوت بأكبر متاحف الصين للأعمال العملاقة بمنحوتة السلام وشهادة الاستحقاق الذهبية.
• من خلال عملكم الأكاديمي في نقل الخبرات الفنية لطلابكم، هل ترون الجيل الحاضر بنفس حماسكم أنتم الذي بدأتم فيه حياتكم الفنية!؟ والى ماذا تعزون ذلك!؟--
في هذه النقطة بالذات اتضح نفوذي، بما جنيته بعد 30 سنة من ممارسة التعليم. صحافيون ، مخرجون، مصورون، أدباء، شعراء، وأناس بسطاء وعاديون، يشهدون لي بذلك بما يكتب ويصور وثائقيا ويرتجل شعرا، عرفني به من كان لا يعرفني، وأنا أتنقل بشوارع أي مدينة من مدن الجزائر إلا وأسمع بوكرش بوكرش بوكرش....دون انقطاع على طول السكة، ما يتسبب في إحراجي كم من مرة مع من يلح خاصة بكل عفوية وبراءة أن أرافقه لأقرب مصور ليأخذ معي صورة تذكارية. صدقيني ما قدمته من تجارب ومساعدات مادية ومعنوية لطلابي هو الذي زاد في شهرتي اليوم على ما كنت عليه من قبل، اعترافهم بالجميل الملموس وخدماتهم المعروضة علي اليوم زيادة على التي غمروني بها، تركتني أتخيل بدون انقطاع أني أتسبب في إحراج الكثير منهم، كان يتوقف أحدهم إذا التقت العين بالعين ويغير وجهته بوجهتي ويتخلى عنها بتأجيل مصالحه لمصلحتي.
• لديكم تجربة إذاعية في برنامج (لوحة وفنان).. علام تعولون في مثل هذه البرامج!؟--
كنت دائما وما زلت مصرا على أن أغرس في أذهان العامة والخاصة أن الفن التشكيلي ليس مجرد ألوان وخطوط وأعمال تزين البيوت والصالونات، بل هو ممارسة رياضة ورياضيات لحساب معادلات قيم الأشياء فيها، التي يراهن عليها لحياة أفضل، بطلها إنسان في ميدان، الرابح والخاسر فيه إنسان، بآليات الإيقاع بالإشارة والمجاز، بالتشبيه والاستعارة.
• بتقديركم، أين تكمن معاناة الفنانين العرب؟--
تزداد المعانات عندما يحس... بفقدان الإنسان فيه ويبقى الفنان فيه عدو نفسه.
• ما هي تصوراتكم لآليات إنهاء هذه الإشكاليات؟--
عندما تصبح كلمة فنان مرادفة لكلمة إنسان والعكس صحيح، وكلنا في منصبه ومسؤولياته فنان.
• وأي طموح يضعه الفنان بوكرش لواقع فني عربي جدير بالمنافسة، وحمل ثقافته إلى المحافل الدولية!؟--
الطموح لا يكون بغير التميز بالطبيعة السوية والسلوك الحضاري والثقافي في أعمالنا ولسنا مجبورين لخوض المنافسة لأن القضية ليست قضية امتحان بقدر ما هي عملية تباين البقاء فيه للأصلح كان ذلك لنا أو لغيرنا.
• لمسنا من سيادتكم حماساً لمد الجسور مع الفنانين اليمنيين، وكذلك في قراءة تطورات الساحة اليمنية. فما أهمية ذلك بالنسبة لكم!؟--
موضوعنا الإنسان الفنان، والإنسان الفنان واحد، كان ذلك باليمن، أو ببقاع الأرض الأخرى واهتمامي، اليمن فيه بكرم أهلها وإنسانية بناتها وأبنائها محطة من أخريات.
• هل تعتقد أن الفنانين اليمنيين يحيطون أنفسهم بعالم من العزلة، أم هو قصور الإعلام في الترويج لهم!؟--
كلمة فنان ومعناها بالملموس ضالة المحتاجين إذا توفرت صنعت من نفسها قبلة للحجيج وفرضت نفسها بالتدريج والمثل الشعبي يقول // الدوام يثقب الرخام// اليمن مثلها مثل باقي الدول إذا تضافرت الجهود وكان الهدف واحد مصير كل الطرق تؤدي إلى مكة.
• ربما اطلعت عبر "نبأ نيوز" على نماذج أعمال فنية لبعض الفنانين اليمنيين، ما هو الانطباع الذي تولد لديكم، رغم محدودية التجارب التي رأيتموها!؟--
لم أطلع على القدر الكافي الذي يمكنني بأن أصدر رأيا ولو بالتقريب، لأن جمال ما رأيته في اللباس التقليدي والهندسة المعمارية التي زخرت بها معالم اليمن والحلي التقليدية وكثير من الصناعات التقليدية يشفع لليمني بأن يكون في صدارة الفنانين في العالم بما لديه من مصادر الهام منقطعة النضير بأماكن أخرى يبقى بها اليمن مميزا مثل ما أنا متأكد من تميز العمل الفني التشكيلي اليمني الذي لم يحصل لي الشرف بأن أراه بعد بالتباين مع باقي الأعمال الفنية في العالم. والتقصير ربما مني أنا أيضا الذي التحق متأخرا جدا باليمن وبالإعلام اليمني، لكن الشيء القليل القليل الذي تمكنت من متابعته لفنانين شباب بنبأ نيوز مشكورة على ذلك يبشر بالخير. أما ما يتعلق بالأقلام الحرة بنبأ نيوز لها من السحر ما ربطني بهم.
•
ختاماً.. ما هي رسالتكم للوسط الفني اليمني التي نستطيع إيصالهم لهم عسى أن تصبح جسراً بين مبدعي بلدينا – اليمن والجزائر..--
أشد بيدي على أيادي المطالبين بتخفيض وتدعيم أسعار الحواسيب ولوازمها لتكون في متناول كل بيت وربطها بالآنتارنيتٍٍٍٍٍ ذات السعر المدعم حتى لا أقول مجاني وبها يكون الجسر امتد اتوماتكيا بيننا وبن بلداننا من مشرق الشمس
إلى مغربها
تعاليق عن الموضوع
22803 - بكوش امين
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته اما بعد يشرفني ان اكتب لكم هذا المقال الذي يعبر عن اليئس الذي في قلوب الشباب من طرف البلاد التي لاتحتوى على الضروف الملازنة للعيش وقد تبن من خلال الملاحضة التي نراهى في الشوارع والتي هي عباره عن السلوك ومعاملهمع الناس . كما يضن ان الشباب اليوم الذهاب الى المانيا قد يكون جيد وبعيدا عن الارض التي جاهد عنهى الكثير لكي يخرجوى العدو الطغياني . وفي اخر المطف اقول لكم جيدوى حل لهذه المشكلة المعقده يجب ان نبحث عن المواهب الكثيرة وارجوى الرد عن هذه المشكلة عبر البريد الالكتروني وهو tiaret_91@hotmail.com
9298 - ظافر عبد المجيد الموهبي- طالب في الصين
لوحات حلوه جدا وفيه تعابير جميله ولمسات فنيه رائعه كما احيي الاخ محمد بوكرش على هذه الروح الطيبه والاخلاق الرفيعه في فهمه للفن وللواقع العربي ولليمن واتكمنى لو زرت الجزائر اتعرف عليه لانه ثروة نادره في هذا الزمان وشكرا لنبأنيوز على الاخبار الحلوه
9218 - الدكتور حيدر بامسلم- استاذ معهد الموسيقى
اتفق مع الاخت ساره فيما قالت هو فعلا تعبير جميل.. ولكن الفت الانتباه الى أن الابداع ينطلق من هذه القيم فعندما يفقد الانسان القيم النبيلة اعتقد تنطفيء جذوة الابداع بداخله. وهذا هو سر النجاح الذي حققه الفنان محمد بو كرش.. بالمناسبة نماذج اللوحات المعروضة فيها كثير من هوية الاصالة وهذه ميزة ايضا تحسب في جانب اسباب النجاح.. شكرا الى الاخت رئيسة تحرير الموقع على تقديم هذه الشخصية للساحة اليمنية- وهكذا عودتنا نبأ نيوز- وشكرا للفنان الرائع محمد على فنه انسانيته اولا ثم ابداعه الفني ثانيا ثم عباراته الجميلة بحق اليمن.. ونتمنى التوفيق دائما للجميع
9215 - ساره
الشعب الجزائري شعب عظيم وهذا الفنان هو جزء من صفة شعب لذلك لم استغرب كلامه وابدي اعجابي الكبير بتعبيره حول علاقة الفنان بالانسان الذي يسكنه عندما قال(أبذل جل جهدي يوميا في خدمته لئلا يخون ويغادرني والخيط الذي يربطني به دائم المد والجزر بين الضعف والقوة والخوف كله من لحظة الضعف، لذا عملي الفني المحبوب والذي أفضله هو الذي يعوض ذاك الضعف بالقوة ويمتن رباطي بذاك الإنسان).. تعبير رائع يصلح وحده ان يكون لوحة فنية ساحرة
9212 - عبد الخالق باجميل
اللوحات جميله جدا وتنبض بالحياة والروح وحديث الفنان محمد بوكرش ممتع جدا وكله حيوية ومعنى وانسانية. نحن امام فنان عظيم وانسان عظيم ايضا ومثل هؤلاء هم الذين يصنعون الحياة حقا فتحية لهم ووقفة تقدير للفنان بوكرش